استطاع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ارضاء قيادة حركة فتح، التي طالبته قبل شهرين خلال اجتماع المجلس الثوري (برلمان الحركة) باعادة المناصب القيادية العليا في كل من منظمة التحرير والحكومة التي يرأسها الدكتور سلام فياض لقبضة الحركة مجددا، بعد ان اصبحت عقب الانقسام السياسي بين الضفة وغزة تحت امرة المستقلين.
ووفق ما عملت به 'القدس العربي' فان عملية ارضاء قيادة التنظيم الذي يقف الرئيس عباس على رأسه، تمت من خلال اعطاء مساحة اوسع للتحرك الدبلوماسي على المستوى العربي والدولي للدكتور صائب عريقات مسؤول ملف المفاوضات في منظمة التحرير، ليمارس عمليا مهام وزير الخارجية، وترك عملية متابعة الشؤون الادارية في الملف الدبلوماسي لوزارة الخارجية في رام الله التي يقف على رأسها الدكتور رياض المالكي المستقل الذي عينه فياض على رأس الوزارة منذ نشوب الأزمة والانقسام السياسي بين حركتي فتح وحماس.
وتفيد المعلومات ان عملية الاتصال وتعيين سفراء السلطة الفلسطينية في الخارج، اضافة الى عمليات التنقل تتم بالتنسيق الكامل مع مكتب الرئيس عباس، الذي يتدخل هو شخصيا في كثير من الامور.
وبالرجوع الى عمل الدكتور عريقات الذي يوصف الآن بانه 'وزير خارجية الرئاسة'، فقد اعطي مساحة واسعة من التحرك الدبلوماسي، من خلال توكله بعملية الاتصال واستقبال سفراء وقناصل الدول الغربية بمقر اقامته بمدينة اريحا، اضافة الى ملازمته للرئيس عباس في كل جولاته الخارجية، والتي جرت العادة ان توكل هذه المهمة لوزير الخارجية، وعدد من المقربين والمسؤولين الكبار، علاوة على حضوره اكثر من مرة جلسات لوزراء الخارجية العرب، كان آخرها الجلسة التي عقدها وزراء الخارجية في لجنة المتابعة العربية، التي اتخذت قرارا بالموافقة على اجراء مفاوضات غير مباشرة مع اسرائيل.
وكان المجلس الثوري لحركة فتح وخلال اجتماعه الأخير بمدينة رام الله منتصف شهر كانون الثاني (يناير) الماضي، دعا اللجنة المركزية للحركة اعلى سلطة تنفيذية، لاستعادة منصب امانة سر اللجنة التنفيذية التي يتولى مسؤوليتها ياسر عبد ربه، اضافة الى استعادة وزارتي الخارجية والمالية، في الحكومة، بعد ان اشتكى المجلس من 'تهميش' الحركة في هذه المواقع القيادية، التي كانت في اوقات سابقة تحت امرة التنظيم.
وعلمت 'القدس العربي' وقتها ان المجلس الثوري للحركة رفع توصية للجنة المركزية للحركة، تطالبها بالعمل على اعادة هذه المواقع المهمة، ومن بينها مهمة الاشراف على مؤسسات الاعلام التابعة للرئاسة التي يديرها عبد ربه.
كذلك علمت 'القدس العربي' ان اللجنة المركزية طالبت الرئيس عباس في اجتماع لها عقب انتهاء جلسة الثوري بضرورة الاخذ بالتوصيات، الامر الذي جعل الرئيس عباس يقع في حيرة، لعلمه ان عملية التعديل والتغيير ستكرس جوا مشحونا في الأطر القيادية، وربما ايضا تغضب الدكتور فياض الذي اختار وزارته الحالية قبل اشهر.
لكن تلك الحيرة لم تطل كثيرا، حين اقنع عباس اركان التنظيم بأن وزارة الخارجية عمليا موكلة لمؤسسة الرئاسة، ووعد وقتها بالشروع في خطوات اخرى تعزز مكانة الحركة في اللجنة التنفيذية دون اجراء تعديلات.
وحسب المعلومات التي توفرت لـ'القدس العربي' من مسؤول فتحاوي بارز فقد اكد ان ابو مازن استطاع تخفيف حجم المطالبات الفتحاوية، بحيث وصل الى حل وسط، ارضى فيه التنظيم، دون المساس بتركيبة المنظمة، من خلال ابقاء مهام عبد ربه في الاشراف على مؤسسة التلفزيون الفلسطيني، وتهميشه على المستوى السياسي، واستبداله بشخصية فتحاوية، تتمتع بعلاقة طيبة مع كل اطر فتح ،فكان ابرز الحاضرين على الساحة الدبلوماسية عزام الاحمد الرجل القوي في مركزية فتح، الذي يشرف على ملف الحوار مع حركة حماس، ومسؤول العلاقات الوطنية في التنظيم، الذي اخذ مكان عبد ربه في مرافقة ابو مازن في الجولات العربية والدولية.
ولوحظ مؤخرا خلال جولات ابو مازن الاخيرة لبلدان شرق آسيا، وروسيا، وعدد من الدول الاوروبية، والدول العربية، ظهور الاحمد جليا خلف ابو مازن، بعد ان كانت تحركاته وزيارته الخارجية السابقة مرتبطة فقط بملف المصالحة.
يشار الى ان الاحمد الذي يشغل ايضا رئاسة كتلة الحركة البرلمانية، عمل في السابق في السلك الدبلوماسي الفلسطيني كسفير في العراق.
وحسب ما علمت 'القدس العربي' فان ابو مازن لم يستجب لمطالب الحركة باعادة اشرافها على الاعلام الرسمي، الذي ابقاه تحت امرة ياسر عبد ربه، اضافة لعدم استجابته لطلبها بشغل وزارة المالية، التي يرأسها الدكتور فياض بنفسه.