Admin Admin
عدد المساهمات : 669 نقاط : 1362 تاريخ التسجيل : 12/08/2009 العمر : 34 الموقع : دمشق
| موضوع: الشباب الفلسطيني يعيش حالة من الإحباط واليأس الأربعاء يونيو 29, 2011 12:57 am | |
| يعيش الشباب الفلسطيني أوضاعًا مأساوية وضعته على مفترق طرق صعب وخطر · حالة من التيه والعجز والإحباط تسيطر عليهم في ظل ضياع الأمن والأمان ، والأمل في المستقبل ، الذي بدا أكثر سوداوية في عيونهم · ولجأ الشباب الذين ضاقت بهم الأرض ذرعا للبحث عما يفجرون فيه مكنوناتهم ، ويصرفون فيه أوقاتهم ، وهم يحاولون عبثا الخروج من واقعهم إلى واقع جديد يجدون فيه أنفسهم ، ويشقون فيه طريقهم ، ويبنون فيه بلدهم التي دمرها الاحتلال ونسف كل معالم الحضارة فيها · فهل ترى يستطيعون تغيير الواقع ، أم أنهم سيبقون أسرى الأوضاع المتردية ، كقشة في مهب الريح تتجاذبها التيارات المختلفة ·
يبحثون عن عمل كاظم الغف (25 عامًا) حاصل على درجة البكلوريوس في البيئة وعلوم الأرض ، تخرج منذ ما يقارب العام ، وبعد بحث طويل عن فرصة عمل ، تم توظيفه في مشروع تشغيل البطالة التابع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ، وبطبيعة الحال ، فإن الغف لن تكتمل سعادته بهذه الفرصة التي سرعان ما ستتبدد بعد انتهاء عقد العمل الذي لا يستمر أكثر من ثلاثة أشهر · ومع أن الغف وجد فرصة مؤقتة إلا أنه يجد وقت فراغ كثير يسعى لإضاعته حيث يقضي معظم وقته بعد إنهاء دوامه في العمل بلعب كرة القدم مع أصدقائه ، أو في الحدائق العامة ، أو السير في الشوارع ، وفي بعض الأوقات في مقاهي الإنترنت ، يتابع من خلالها أخبار الرياضة ، ويتسلى بالمحادثات الجماعية والتعرف إلى أصدقاء جدد · ويقول الغف الذي ما يزال عَزَبَ : "في بعض الأوقات يكون الأمر مسليا ، وفي البعض الآخر يكون مملا ، وأصبحت حياتي أشبه بالروتين؛ لأنني لا أجد ما أفعله"· ويضف الغف : "أنا محظوظ لأنني وجدت عملاً لمدة ثلاثة أشهر ، لكن جميع زملائي الذين تخرجوا معي لا يجدون عملاً ، وما يزالون يعيشون على أمل أن تنفرج الأزمة" · ودعا الغف الشباب أمثاله لعدم اليأس قائلا : "أدعو الشباب لعدم اليأس لأنني كدت أصل لهذه المرحلة ، ولم أخرج منها إلا بمساندة أهلي ، على أمل أن تتحسن الأمور في المستقبل" · أما محمود الغزالي (23 عاما) فهو حاصل على شهادة البكالوريوس في التجارة ، حاله أسوأ من سابقه ، فهو يشعر بالملل في حياته بعد أن فقد كل أمل في العثورعلى وظيفة أو بناء مستقبل أسري مستقر ، أمضى فترة طويلة في البحث عن وظيفة دون جدوى ، وقال: "بحثت عن وظائف دون جدوى ، ما أصابني بإحباط وحال دون استمراري في البحث ، لأنني واثق أن الجهود ستذهب هدرا ، وهذا الحال ينطبق على كل الطلاب الذين تخرجوا معي ويبلغ عددهم حوالي مائة طالب" · ويضيف : "في ظل هذه الحالة أقضي معظم وقتي في متابعة نشرات الأخبار ، وما تبقى منه على جهاز الكمبيوتر أو مع الجيران ، ونادرا أذهب لأماكن عامة" · ويتابع حديثه: "أشعر بالملل من هذا البرنامج لعدم وجود عمل أصرف وقتي فيه بفائدة ، وأصبحت حياتي روتين لا يعود بالفائدة ، لذلك أفكر بالبحث عن فرصة عمل خارج البلاد ، واذا وجدتها فلن أتردد في قبولها " ويضيف : "الأخبار السياسية أوصلتنا لحالة من اليأس من كل ما هو عربي ، وكنت عند سماعي للأخبار أشعر بالتوتر والحزن والضغط النفسي ، لكن الآن أصبح الأمر طبيعيا" · وأدهم أبو ناصر (24 عاما) الحاصل على شهادة دبلوم متوسط في التحاليل الطبية ، يشاطر سابقيه رفاقه المأساة ، بل ربما كان أسوأ حظا حين عمل تسعة أشهر كمتطوع في عيادات وكالة الغوث الدولية للاجئين الفلسطينيين ، ورغم ذلك لم يستطع إيجاد مكان شاغر في المراكز أو المستشفيات الطبية في قطاع غزة · يقول أبو ناصر : "أحاول الاستفادة من وقتي بأقصى درجة ممكنة ، لكنني في كثير من الأحيان أشعر أن حياتنا أصبحت عبثا ، لا جدوى منها ولا فائدة · نحن لا نستطيع أن نفيد أنفسنا أو غيرنا · جميعنا تعلم ليعلق في النهاية شهادة تخرجه في برواز على أحد جدران البيت" · ويضيف : "التحقت بعدة دورات لملء الفراغ ، لكن هذا الحال لن يستمر طويلا ، قررت أن أستثمر وقتي في ورشة للسيارات ، إلى حين يأتي الفرج من الله" · وتفيد إحصائيات وزارة التربية والتعليم العالي أن عدد الخريجين في ازدياد مضطرد ، حيث وصل عدد الخريجين من الجامعات الفلسطينية عام 96 (4443) ، وعام 97 (5519) ، وعام 98 (6344) ، وعام 99 (8380) ، وعام 2000 (9304) · وتفيد إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني لعام 2001 ، في مسح القوى العاملة لدورة تشرين أول - كانون أول 2001 ، الربع الرابع من عام 2001 أن نسبة البطالة في الأراضي الفلسطينية بلغت 26,2% منهم 15,6% أتموا 13 سنة دراسية فأكثر ·
في مقاهي الإنترنت جيل الطلبة الجامعيين من الشباب ليس أحسن حالا من الخريجين ، فهم يعيشون حالة الإحباط ذاتها ، خاصة أنهم يرون مستقبلا سوداويا ، يأملون أن يجدوا فيه بصيصًا من النور يغير الواقع الحالي إلى واقع أفضل · محمد حمادة (21 عاما) أحد طلبة كلية التربية التقته "الشبكة الإسلامية" في أحد مقاهي الإنترنت في مدينة غزة حاله كحال عشرات الشباب الذين ترددوا على المكان أثناء وجودنا فيه ، قال : "آتي إلى مقهى الإنترنت ثلاث مرات أسبوعياً" ، وأقضي ما تبقى من الوقت علي جهاز الكمبيوتر في البيت ، أمارس هوايتي في تصميم صفحات الإنترنت · بالرغم من أنني متفائل دائما ، إلا أن الوضع سيئ جدا · معظم الشباب محبطون ، وهذا ينعكس على تحصيلهم العلمي ، منهم لا يستطيع الدراسة إلا قبل الامتحان بيوم ، وهذا بالطبع يؤثر على النتائج · حينما أجلس مع أصدقائي ، أسمع منهم عبارات اليأس والقنوط ، وهذا يعكس جوا نفسيا عاما ، يعاني منه الشباب الفلسطيني ، جراء فقدانهم الأمل في المستقبل · أما عامر عاشور (21 عاما) فيدرس في كلية الهندسة بالجامعة الإسلامية في المستوى الثالث ، ويتردد على مقاهي الإنترنت ، لقضاء بعض أوقات الفراغ ، واستغلالها في محادثة أهله في الخارج ، والدردشة مع الأصدقاء ، وفي بعض الأحيان إعداد بعض الأبحاث · يصف عاشور الجو النفسي للشباب ، بأنه جو من الإحباط الشديد ، وفي ذات الوقت يحمل في قلبه الأمل في تحسن الأوضاع ، وحسب قوله : "لا شيئ يدوم على حاله" · ويقول عاشور : "الإحباط ينعكس على دراستي ، وهذا الفصل كان أسوأ الفصول الدراسية على الإطلاق طوال سنوات تحصيلي العلمي ، وهذا ناتج عن الضغوط النفسية ومتابعة الأحداث" · ويضيف : "من الصعب أن تراجع دروسك ، وأنت تتابع الأخبار السياسية والاجتياحات هنا وهناك ، والبحث عن الأخبار مسألة في غاية الأهمية بالنسبة لي ، وهذا جزء أساسي من حياتنا اليومية ، وهذا بالطبع يستغرق وقتا طويلا في التنقل من قناة إلى قناة ، إضافة إلى الآثار النفسية الناتجة عن المشاهد المأساوية التي نراها يوميا · ما شاهدناه في الضفة الغربية جعلنا نتمنى لو أن ما أصابهم أصابنا ، وبقوا هم بخير" · ويتابع عاشور حديثه وبين ثنايا كلماته تشعر بالتيه والشرود قائلا : "لا نحاول الهروب من الواقع ، لكن أحيانا نحاول الخروج عن دائرة متابعة الحدث ، ولو لفترة قصيرة جدا · دائما الأصدقاء يتحدثون ويناقشون الأوضاع السياسية ، ومن فرط مللنا من هذا الحديث الذي ألقى بظلاله على كل لقاءاتنا ، يطلب أحدنا تغييرالحديث عن القضايا السياسية والانتقال لموضوع آخر" · ويقول عياد شرير صاحب مقهى إنترنت كافيه إن طلاب الجامعات يمثلون 95% من مجموع زبائنه الذين يترددون على المقهى ، وهم يأتون في الغالب للتسلية والترفيه ، سواء بالحديث مع ذويهم أو أصدقائهم ، أو لأغراض البحث العلمي · ويشير شرير إلى درجة الإحباط التي يعاني منها الشباب الفلسطيني بالقول: "الشباب محبطون من الوضع الاقتصادي السيئ والضغوط النفسية الناتجة عن تدهور الأوضاع الأمنية" · ويضيف : "عندي ولدان تخرجا من كلية الهندسة بالجامعة الإسلامية ، ما يزالا عاطلين عن العمل ، حالهما كحال الآلاف من الشبان الذين يقفون على أبواب المستقبل وهم يأملون أن تتحسن الأوضاع ، وهذا يلقي بظلاله الثقيلة على مستقبل الشباب العائلي ، حيث يعزف الكثيرون منهم عن الزواج في هذه الظروف نظرا لعدم توفر فرص العمل ، ونفقات الزواج" ·
عالم مجهول وفي ظل ازداياد حالة التردي في الأراضي الفلسطينية ، وتشديد الحصار والخناق علي كل ما هو فلسطيني ، سيبقى هؤلاء الشباب طاقات معطلة ، على أمل أن تستنفد يوما ما فيما يعود بالفائدة على وطنهم ، ليعيدوا ما دمره الاحتلال ، ويشيدوا صرح دولتهم وسط حالة من الاستقرار والأمن والأمان · فهل سيأتي هذا اليوم ؟ أم سيبقى الشباب الفلسطيني في بحر هائج تتقاذفه الأمواج وتشده التيارات المتقلبةوالمتضادة إلى عالم مجهول؟ | |
|