أكد مسؤول سياسي إسرائيلي لإذاعة الجيش أمس ما نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» بأن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو بلّغ البيت الأبيض نهاية الأسبوع الماضي رفضه المطلب الأميركي بتجميد تام للبناء الاستيطاني في القدس المحتلة. وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن مبعوثيْن أميركيين وصلا إلى إسرائيل أول من أمس لإجراء محادثات ماراثونية مع مستشاري نتانياهو بهدف التغلب على الخلافات والتوصل إلى تفاهمات تتيح استئناف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
ونقلت الصحيفة الأميركية عن جهات رفيعة في الإدارة الأميركية قولها إن نتانياهو «يرفض في شكل جوهري» طلب الرئيس باراك اوباما خلال لقائهما في البيت الأبيض قبل شهر، تجميد البناء في مستوطنات القدس الشرقية في شكل تام، لكنها أضافت أن واشنطن لا ترى ان رد نتانياهو نهائي، مضيفة أن الأخير وافق على تبني 12 خطوة من شأنها أن تحرك عملية التفاوض، مثل إطلاق فلسطينيين وإزالة حواجز عسكرية في الضفة الغربية وتخفيف الحصار عن قطاع غزة. وتابعت أن الإدارة الأميركية تسعى الى إقناعه بإرجاء مخطط بناء 1600 وحدة سكنية جديدة في مستوطنة «رمات شلومو» شمال القدس الشرقية لعامين، وهو المخطط الذي فجر الأزمة بين الجانبين.
شابيرو وهيل في اسرائيل
على صلة، نقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن موظف كبير في الإدارة الأميركية قوله إن رئيس قسم الشرق الأوسط في البيت الأبيض دان شابيرو وصل إلى تل أبيب يرافقه نائب الموفد الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط ديفيد هيل اول من امس، وأجريا محادثات مع المستشار الخاص لرئيس الحكومة الإسرائيلية اسحق مولخو ومستشاره السياسي رون درمر. وزادت أن شابيرو عرّج على العاصمة الأردنية حيث التقى الرئيس محمود عباس (أبو مازن) وسلمه رسالة من اوباما.
عباس يلتقي ميتشيل مساء اليوم
وقال رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير صائب عريقات لـ «الحياة» في رام الله ان هيل ابلغ عباس ان ميتشيل سيزوره في رام الله مساء اليوم، مع العلم ان الجانب الفلسطيني يتوقع ان يحمل ميتشيل معه ردوداً اسرائيلية على 13 مطلباً اميركياً لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، وفي مقدمها وقف الاستيطان في القدس الشرقية، وتحويل مناطق للسلطة الفلسطينية، وإطلاق اسرى، وازالة حواجز عسكرية وغيرها.
وذكرت مصادر فلسطينية مطلعة ان الرد الإسرائيلي على المطالب الاميركية كان سلبياً، مضيفة ان نتانياهو ابلغ الادارة الاميركية انه لا يستطيع وقف الاستيطان في القدس، او تحويل اية مساحات جديدة من الضفة الى السلطة لأن ذلك يتطلب مفاوضات واتفاقاً سياسياً جديداً يحظى بمصادقة الكنيست، لكنه وافق على المطالب الأخرى مثل إطلاق معتقلين وإزالة حواجز وتخفيف الحصار عن قطاع غزة. ورجحت عدم موافقة عباس على استئناف المفاوضات، سواء المباشرة او غير المباشرة، مع اسرائيل على ضوء هذه الردود.
وكانت صحيفة «هآرتس» نقلت عن مسؤول حكومي إسرائيلي أن نتانياهو لا يعتزم تسليم واشنطن رداً خطياً، أو رسمياً في شكل ورقة عمل، أو شفوياً على المطالب، أو أن يتحول الرد الإسرائيلي إلى «حدث». وقال إن المحادثات بين إسرائيل والإدارة الأميركية أجريت طوال الأسبوع الأخير عبر الهاتف بواسطة السفارة الإسرائيلية في واشنطن ومبعوثي البيت الأبيض شابيرو وهيل. وأضاف ان الطرفين «سيحاولان بلورة تفاهمات في شأن سبل دفع العملية السياسية».
وتابعت الصحيفة أن المبعوثيْن الأميركيين سيحاولان الحصول على موافقة إسرائيل على تنفيذ «مبادرات حسن نية» والقيام بخطوات ايجابية تجاه السلطة الفلسطينية بهدف بناء الثقة تمهيداً لاستئناف المفاوضات بينهما، مثل السماح لمؤسسات السلطة الفلسطينية في القدس الشرقية بفتح مقارها، وتسليم السلطة الفلسطينية المسؤولية الأمنية عن مناطق أخرى في الضفة الغربية، وأن تتناول المفاوضات غير المباشرة القضايا الجوهرية للصراع.
وتعارض غالبية وزراء «المنتدى الوزاري السباعي»، وعلى رأسها نتانياهو، معظم هذه المطالب، وفي مقدمها تجميد البناء في القدس. لكن المسؤول الحكومي أضاف أن رئيس الحكومة قد يلتزم أمام واشنطن الامتناع عن أعمال استفزازية في القدس المحتلة مثل عدم السماح ليهود متشددين بالبناء في قلب الأحياء العربية في القدس الشرقية. ويتوقع أن يتناول وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك هذه القضايا في زيارته واشنطن الأسبوع المقبل، فضلاً عن المشروع النووي الايراني والأنباء التي ترددت عن حصول «حزب الله» على صواريخ «سكود» من سورية.
«شاس» مع وقف الاستيطان
وأفادت صحيفة «معاريف» في عنوانها الرئيس أمس، أنه خلافاً للذريعة التي يحملها رئيس الحكومة الإسرائيلية بأنه مقيّد في خطواته بتشدد شركائه في اليمين، وبينهم حركة «شاس» الدينية الشرقية المتزمتة، وبأنه في حال وافق على الشروط الأميركية فإن ائتلافه الحكومي يتعرض للسقوط، وأن الزعيم الروحي للحركة الدينية الحاخام عوفاديا يوسف أبلغ الرئيس شمعون بيريز قبل ثلاثة أسابيع موافقته على تجميد أعمال البناء في المستوطنات في القدس الشرقية «من أجل تحسين العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة، والخروج من الأزمة العميقة بينهما».
ونقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة على مضمون لقاء يوسف – بيريز أن الأول شدد على أنه «يجب فعل كل شيء من أجل الخروج من الأزمة مع الأميركيين، ويجب دفع أي ثمن من أجل ترميم العلاقات، ويحظر أن نستفز أمم العالم». وتابع أن بالإمكان التوقف عن البناء في القدس لسنوات وتركيز البناء في مناطق أخرى، مثل وسط إسرائيل، و «لن يحصل أي شيء إذا عاودنا البناء في القدس بعد سنوات وبعد أن تزول الأزمة». ونفى الزعيم السياسي للحركة الوزير ايلي يشاي موافقة يوسف على تجميد الاستيطان في القدس، لكن الصحيفة أكدت موقف الحاخام اعتماداً على ما قاله لها مسؤولون إسرائيليون التقوا الحاخام أخيراً.
اليمين يتحامل على اوباما
في غضون ذلك، يواصل أنصار اليمين المتشدد حملتهم على الرئيس الأميركي بداعي عدائه لإسرائيل، ويخططون لإحراق صور ودمى للرئيس في «عيد الشعلة» اليهودي بعد أسبوعين. وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية أنه تم طبع مئات الصور وإنتاج عشرات الدمى للرئيس الأميركي وتوزيعها على ناشطي اليمين في أرجاء إسرائيل. ونقلت عن أحد المبادرين تبريره الخطوة المرتقبة بأنه «هكذا يجب أن نفعل لأعداء إسرائيل»، مستذكراً أنه وأترابه حرقوا في الماضي صوراً للرئيس العراقي السابق صدام حسين والرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد والأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله. وقال الناشط اليميني المتطرف من حركة «كهانا حي» المحظورة نوعم فدرمان إن «باراك حسين اوباما معادٍ للسامية ويكره إسرائيل، وهو منبوذ ومقاطَع في كل العالم... وفقط إسرائيل تحترمه... إنه أكثر رئيس أميركي عداءً للسامية، وحان الوقت أن يرى هذه الحقيقة السياسيون الإسرائيليون العميان ليستوعبوا أنه لا يمكن إدارة سياسة على أساس هوس العداء لإسرائيل».