يا والدي!
هذي الحروف الثائره
تأتي إليك من السويس
تأتي إليك من السويس الصابره
إني أراها يا أبي، من خندقي، سفن اللصوص
محشودةٌ عند المضيق
هل عاد قطاع الطريق؟
يتسلقون جدارنا..
ويهددون بقاءنا..
فبلاد آبائي حريق
إني أراهم، يا أبي، زرق العيون
سود الضمائر، يا أبي، زرق العيون
قرصانهم، عينٌ من البللور، جامدة الجفون
والجند في سطح السفينة.. يشتمون.. ويسكرون
فرغت براميل النبيذ.. ولا يزال الساقطون..
يتوعدون
الرسالة الثانية 30/10/1956
هذي الرسالة، يا أبي، من بورسعيد
أمرٌ جديد..
لكتيبتي الأولى ببدء المعركه
هبط المظليون خلف خطوطنا..
أمرٌ جديد..
هبطوا كأرتال الجراد.. كسرب غربانٍ مبيد
النصف بعد الواحده..
وعلي أن أنهي الرساله
أنا ذاهبٌ لمهمتي
لأرد قطاع الطريق.. وسارقي حريتي
لك.. للجميع تحيتي.
الرسالة الثالثة 31/10/1956
الآن أفنينا فلول الهابطين
أبتاه، لو شاهدتهم يتساقطون
كثمار مشمشةٍ عجوز
يتساقطون..
يتأرجحون
تحت المظلات الطعينة
مثل مشنوقٍ تدلى في سكون
وبنادق الشعب العظيم.. تصيدهم
زرق العيون
لم يبق فلاحٌ على محراثه.. إلا وجاء
لم يبق طفلٌ، يا أبي، إلا وجاء
لم تبق سكينٌ.. ولا فأسٌ..
ولا حجرٌ على كتف الطريق..
إلا وجاء
ليرد قطاع الطريق
ليخط حرفاً واحداً..
حرفاً بمعركة البقاء
الرسالة الرابعة 1/11/1956
مات الجراد
أبتاه، ماتت كل أسراب الجراد
لم تبق سيدةٌ، ولا طفلٌ، ولا شيخٌ قعيد
في الريف، في المدن الكبيرة، في الصعيد
إلا وشارك، يا أبي
في حرق أسراب الجراد
في سحقه.. في ذبحه حتى الوريد
هذي الرسالة، يا أبي، من بورسعيد
من حيث تمتزج البطولة بالجراح وبالحديد
من مصنع الأبطال، أكتب يا أبي
من بورسعيد.