بث مشروع يموله الاتحاد الأوروبي في بلدية «القريقرة وفينان» في قضاء وادي عربة الأردني الآمال في نفوس سكان هذه البلدة القابعة في بطن الصحراء الأردنية حين رأوا أراضيهم تنتج ورود الحب من قساوة الصحراء.
على غير المعتاد يعود الشاب العشريني عبدالله السعيديين إلى بيته محملاً بباقة من الورود التي قطفها بيديه في مزرعة الورد التي يعمل فيها في القرية التي يسكنها.
السعيديين يعيش في قرية اعتاد سكانها العودة إلى بيوتهم محملين إما بفاكهة البطيخ أو البندورة ولم يعتادوا زراعة الورود أو قطفها أو وضعها في بيوتهم. والسبب بسيط جداً فالقرية في وادي عربة، والتي تبعد حوالى 230 كم عن العاصمة عمان في منطقة صحراوية تابعة لصحراء وادي عربة.
وتصنف منطقة وادي عربة الأردنية ضمن أشد المناطق فقراً في الأردن، وتعد بلدية «القريقرة وفينان» من البلديات المشاركة وجزءاً من برنامج «الحد من الفقر من خلال التنمية المحلية» الذي يموله الاتحاد الأوروبي. حيث شاركت في مشاريع التنمية المحلية منذ عام 2006 ومنها إنشاء وحدة تنمية محلية ومشروع لإنتاج وبيع الورد الجوري.
المشروع عبارة عن مزرعة للورد الجوري مجهزة بأحدث التجهيزات الفنية، وحسب المواصفات العالمية لإنتاج الورد الجوري وبيعه في الأسواق.
ويعد المشروع «تحدياً» رائداً في المنطقة من حيث توفير فرص عمل للسكان المحليين وزيادة العوائد بنسبة كبيرة بحسب رئيس البلدية خليل العمارين. حيث بين أن «المشروع بعد عام واحد وفر سبع وظائف لشباب من القرية كانوا عاطلين من العمل ويعانون من ظروف مادية صعبة».
ويختصر عطالله الغافلي أحد العاملين والمستفيدين من المشروع في حديثه حالة نسبة كبيرة من ساكني «القريقرة وفينان» فهو شاب لم يكمل تعليمه الجامعي بسبب ظروف الفقر التي تعاني منها أسرته، فتخلى عن الدراسة كونه الأكبر في العائلة للمساعدة في إعالة أسرته الكبيرة المكونة من 12 فرداً.
الغافلي كان عاطلاً من العمل قبل إنشاء مشروع الورد وهذا ليس غريباً ويوضح رئيس البلدية العمارين بأنه «لا يوجد فرص عمل لأبناء المنطقة بسبب الفقر وقلة التعليم ونقص التدريب والتأهيل وضعف الإمكانات المادية وعدم توفر المشاريع الإنتاجية».
جميع العاملين في مشروع الورد بحسب العمارين هم أبناء هذه المنطقة، شباب عاطلين من العمل وشهاداتهم العلمية أقل من الثانوية العامة ويعانون من ظروف وإمكانات مادية صعبة. ويؤكد العمارين أن عدد المستفيدين سيزداد في السنة الثانية للمشروع لأن الإنتاج سيزداد وكلما زاد عدد شتلات الورد زادت الحاجة إلى أيدٍ عاملة للعناية بها وقطفها وتجميعها.
وكشف العمارين عن خطة مستقبلية للتوسعة تشمل إشراك القطاع النسائي في المنطقة بالعمل داخل المزرعة، لافتاً إلى أن «نجاح المشروع يعتمد على استمراريته من خلال الإنتاج والتنويع أيضاً».
ويتطلع العمارين إلى زيادة عـــدد إنتــاج الورود في السنة الثانية للمشروع ليصل إلى 2000 «حبة» في اليوم الواحد كما أنه يطمح لتصدير الورود إلى خارج الأردن.
مشروع إنتاج وبيع الورد الجوري لم يكن في البدايات أمراً سهلاً فالعمارين واجه صعوبة بالغة في إقناع المجتمع المحلي كون الفكرة «جديدة» على أهل المنطقة «وغريبة» من ناحية إدخال زراعات جديدة «كالورد». الصعوبة واجهت أيضا العاملين في المشروع فليس لديهم الخبرات الكافية والتفاصيل الملمة بآلية العمل داخل مزرعة للورد ما دفعهم للإحباط والاكتئاب لتوفر فرصة عمل لديهم ولا يريدون إضاعتها، ولكن من خلال التدريب بمساعدة بنك تنمية المدن والقرى بات العاملون يشعرون بالحماسة لأنهم أصبحوا على قدر من المعرفة بالتفاصيل التي تتعلق بكيفية التعامل مع الورود بحسب العمارين.
ولا ينكر العمارين بأنه لاحظ على بعض المستفيدين العاملين في المشروع بعض التغير في أسلوب تعاملهم مع الناس المحيطة بهم «فالتعامل مع الورد يجلب الطمأنينة والراحة النفسية للإنسان».
ويصف عبدالسلام (32 سنة) وهو أحد العاملين في المشروع بأنه «كان محبطاً فهو عاطل من العمل ويقضي وقته لا يفعل شيئاً مفيداً» ولكنه من خلال عمله مع الورود لم يعد يشعر بالكآبة والملل بل على العكس امتلأ بالحماسة «كلما قطفت وردة أشعر بالأمل».
ويرى جميع العاملين بأن المشروع استطاع أن يوفر فرص عمل جديدة لهم في البلدة التي يقطنون فيها كما أنه رفع من معنوياتهم وباتوا يشعرون بالانتماء الى مزرعة الورد التي هي جزء من مكانهم وأرضهم ومجتمعهم ووطنهم.
يذكر أن برنامج «الحد من الفقر من خلال التنمية المحلية» الذي يدعمه الاتحاد الأوروبي في الأردن عمل على دعم الجهود الوطنية الرامية لتمكين السلطات المحلية وإشراكها في شكل مباشر في عملية التنمية محققاً العديد من الإنجازات الرئيسة والتي شملت إنشاء وحدات تنمية محلية في عدد من البلديات الشريكة في الأردن وعددها 21 هذا بالإضافة إلى تقديم دورات تدريبية من قبل بنك تنمية المدن والقرى وإعداد 21 خطة تنمية محلية وتنفيذ 21 مشروعاً محلياً.