عندما يذهب الشهداء إلى النوم
تصبحون على وطنعندما يذهب الشهداء الى النوم أصحو
وأحرسهم من هواة الرِّثاء
أقول لهم :
تُصبحون على وطن،
من سحابٍ ومن شجرٍ،
من سراب وماء
أهنئُهُم بالسلامةِ من حادثِ المُستحيل
ومن قيمة المذبح الفائضة
وأسرقُ وقتَا لكي يسرقوني من الوقتِ.
هل كُلُنا شهداء؟
وأهمس :
يا أصدقائي اتركوا حائطاَ واحداً،
لحبال الغسيل،
اتركوا ليلةًَ للغناء
اُعلِّق أسماءكم أين شئتم فناموا قليلاً،
وناموا على سلم الكرمة الحامضة
لأحرس أحلامكم من خناجر حُراسكم
وانقلاب الكتاب على الأنبياء
وكونوا نشيد الذي لا نشيد له
عندما تذهبون إلى النوم هذا المساء
أقول لكم :
تصبحون على وطنٍ
حمّلوه على فرس راكضه
وأهمس :
يا أصدقائي لن تصبحوا مثلنا ...
حبل مشنقةٍ غامضه !
حبيبتي تنهض من نومهاجواز سفر
لم يعرفوني في الظلال التي
تمتصُّ لوني في جواز السفرْ
وكان جرحي عندهم معرضاً
لسائح يعشق جمع الصور
لم يعرفوني، آه... لا تتركي
كفي بلا شمسٍ،
لأن الشجر
يعرفني...
تعرفني كل أغاني المطر
لا تتركيني شاحباً كالقمر!
كلُّ العصافير التي لاحقتْ
كفى على باب المطار البعيد
كل حقول القمح،
كل السجونِ،
كل القبور البيض
كل الحدودِ،
كل المناديل التي لوَحتْ،
كل العيونِ
كانت معي، لكنهم
قد أسقطوها من جواز السفر!
عارٍ من الاسم، من الانتماء ْ؟
في تربة ربَّيتها باليدينْ؟
أيوب صاح اليوم ملء السماء:
لا تجعلوني عبرة مرتين!
يا سادتي! يا سادتي الأنبياء
لا تسألوا الأشجار عن اسمها
لا تسألوا الوديان عن أُمها
من جبهتي ينشق سيف الضياء
ومن يدي ينبع ماء النهر
كل قلوب الناس... جنسيتي
فلتسقطوا عني جواز السفر!
يوميات جرح فلسطيني" رباعيات مهداة الى فدوى طوقان "
(1)
نحن في حل من التذكار فالكرمل فينا
وعلى أهدبنا عشب الجليل
لا تفولي : ليتنا نركض كالنهر اليها
لا تقولي
نحن في لحم بلادي, وهي فينا
(2)
لم نكن قبل حزيران كأفراخ الحمام
ولذا لم يتفتت حبنا بين السلاسل
نحن يا أختاه من عشرين عام
نحن لا نكتب أشعاراً ولكنا نقاتل!
(3)
ذلك الظل الذي يسقطفي عينيك
شيطان إله
جاء من شهر حزيران لكي يعصب –
بالشمس الجباه
انه لون شهيدٍ
انه طعم صلاةً
انه يقتل أو يحيي, وفي الحالتين: آه!
(4)
أول الليل على عينيك كان
في فؤادي قطرة من آخر الليل الطويل
والذي يجمعنا الساعة في هذا المكان
شارع العودة ..... من عصر الذبول!
(5)
صوتك الليلة سكين وجرح وضماد
ونعاس جاء من صمت الضحايا
أين أهلي؟ خرجوا من خيمة المنفي وعادوا
مرة أخرى سبايا
(6)
كلمات الحب لم تصدأ ولكن الحبيب
واقع في الأسر – ياحبي الذي حملني
شرفات خلعتها الريح .. أعتاب بيوت وذنوب
لم يسع قلبي سوى عينيك في يوم من الايام
والآن اغتنى بالوطن!...
(7)
وعرفنا ما الذي يجعل صوت القبره
خنجرا يلمع في وجه الغزاه
وعرفنا ما الذي يجعل صمت المقبره
مهرجاناً وبساتين حياه!
(
عندما كنت تغنين رأيت الشرفات
تهجر الجدران والساحة ترتد الى
خضر الجبل
لم نكن نسمع موسيقى ولا نبصر لون الكلمات
كان في الغرفة مليون بطل !
(9)
في دمي من وجهه صيف ونبض مستعار
عدت خجلان الى البيت, فقد خر على –
جرحي شهيدا
كان مأوى ليلة الميلاد كان الانتظار
وأنا أقطف من ذاكراه عيدا
(10)
الندى والنار عيناه, اذا ازددت –
اقترابا منه ... غنى
وتبخرت على ساعده لحظه صمت وصلاه
آه سميه كما شئت شهيدا
إنه اجمل منا
غادر الكوخ فتىً ثم اتى حين أتى
وجه إله!
(11)
هذه الأرض التي تمتص جلد الشهداء
تعد الصيف بقمح وكواكب
فاعبديها نحن في احشائها ملح وماء
وعلى أحضانها جرح ... يحارب
(12)
دمعتي في الحلق يا أخت, وفي عيني –
نار
وتحررت من الشكوى على باب الخليفه
كل من ماتوا, ومن سوف يموتون على –
باب النهار
عانقوني, صنعوا مني قذيفة!
__________________
يوميات جرح فلسطيني
(13)
منزل الأحباب مهجور, ويافا
ترجمت حتى النخاع
والتي تبحث عني لم تجد مني سوى جبهتها!
اتركي لي كل هذا الموت يا اخت, اتركي –
هذا الضياع
فأنا اضفره نجما على نكبتها؟!
(14)
آه يا جرحي المكابر
وطني ليس حقيبة
وأنا لست مسافر
انني العاشق والارض الحبيبة!
(15)
واذا استرسلت في الذكرى نما
في جبهتي عشب الندم
وتحسرت غلى شيء بعيد
واذااستسلمت للشوق
تبنيت أساطير العبيد
وأنا أثرت أن أجعل من صوتي حصاةً
و من الصخر نغم !
(16)
جبهتي لا تحمل الظل وظلي لا اراه
وأنا ابصق في الجرح الذي لا
يشعل الليل جباه
خبئي الدمعة للعيد فلن نبكي –
سوى من فرحٍ
ولنسم الموت في الساحة عرساً....
وحياة!
(17)
وترعرعت على الجرح وما قلت لامي
ما الذي يجعلها في الليل خيمه
أنا ما ضيعت ينبوعي وعنواني واسمي
ولذا أبصرت في أسماها مليون نجمة !
(18)
رايتي سوداء, والميناء تابوت, وظهري
قنطره
يا خريف العمر المنهار فينا
يا ربيع العالم المولود فينا
زهرتي حمراء و الميناء مفتوح, وقلبي
شجره
(19)
لغتي صوت خرير الماء في نهر الزوابع
ومرايا الشمس و الحنطة في ساحة حرب
ربما أخطأت في التعبير احيانا
ولكن كنت – لا اخجل - رائع
عندما استبدلت بالقاموس قلبي !
(20)
كان لا بد من الاعداء كي نعرف أنا
توأمان
كان لا بد من الرياح لكي نسكن
جذع السنديان
و لو ان السيد المصلوب لم يكبر على
عرش الصليب
ظل طفلاً ضائع الجرح ... جبان
(21)
لك عندي كلمه
لم أقلها بعد, فالظل على الشرفة يحتل
القمر
وبلادي ملحمه
كنت فيها عازفاً, صرت وتر !
(22)
عالم الآثار مشغول يتحليل الحجاره
إنه يبحث عن عينيه في ردم الأساطير
لكي يثبت أني
عابر في الدرب لا عينان لي لا حرف في
سفر الحضارة !
و انا أزرع أشجاري على مهلي و عن
حبي أغني
(23)
غيمة الصيف التي يحملها ظهر الهزيمة
علقت نسل السلاطين على حبل السراب
وأنا ازددت التصاقاً بالتراب
(24)
آن لي أن أبدل اللفظة بالفعل وآن
لي أن أثبت حبي للثرى و القبره
فالعصا تفترس القيثار في هذا
الزمان
وأنا أصغر في المرآة , مذ لاحت
لعيني شجره!